الحقيقة في انتساب الشيعة لأهل البيت
إن من الشائع عند معاشر الشيعة، اختصاصهم بأهل البيت، فالمذهب الشيعي كله
قائم على محبة أهل البيت -حسب رأيهم- إذ الولاء والبراء مع العامة -وهم
أهل السنة- بسبب أهل البيت، والبراءة من الصحابة وفي مقدمتهم الخلفاء
الثلاثة وعائشة بنت أبي بكر بسبب الموقف من أهل البيت، والراسخ في عقول
الشيعة جميعاً صغيرهم وكبيرهم، عالمهم وجاهلهم، ذكرهم وأنثاهم، أن الصحابة
ظلموا أهل البيت، وسفكوا دماءهم واستباحوا حرماتـهم.
وإن أهل السنة ناصبوا أهل البيت العداء، ولذلك لا يتردد أحدهم في تسميتهم
بالنواصب، ونستذكرون دائماً دم الحسين الشهيد ، ولكن كتبهم المعتبرة عندهم
تبين لنا الحقيقة، إذ تذكر لنا تذمر أهل البيت صلوات الله عليهم من
شيعتهم، وتذكر لنا ما فعله الشيعة الأوائل بأهل البيت، وتذكر لنا من الذي
سفك دماء أهل البيت عليهم السلام، ومن الذي تسبب في مقتلهم واستباحة
حرماتـهم.
قال أمير المؤمنين : (لو ميزت شيعتي لما وجدتـهم إلا واصفة، ولو امتحنتهم لما وجدتـهم إلا مرتدين، ولو تمحصتهم لما خلص من الألف واحد) (الكافي/الروضة 8/338).
وقال أمير المؤمنين :
(يا
أشباه الرجال ولا رجال، حلوم الأطفال وعقول ربات الحجال، لوددت أني لم
أركم ولم أعرفكم معرفة جرت والله ندماً وأعقبت صدماً.. قاتلكم الله لقد
ملأتم قلبي قيحاً، وشحنتم صدري غيظاً، وجرعتموني نغب التهام أنفاساً،
وأفسدتم علي رأيي بالعصيان والخذلان، حتى لقد قالت قريش: إن ابن أبي طالب
رجل شجاع ولكن لا علم له بالحرب، ولكن لا رأي لمن لا يطاع) (نـهج البلاغة 70، 71).
وقال لهم موبخاً: منيت بكم بثلاث، واثنتين:
(صم
ذوو أسماع، وبكم ذوو كلام، وعمي ذوو أبصار، لا أحرار صدق عند اللقاء، ولا
إخوان ثقة عند البلاء .. قد انفرجتم عن ابن أبي طالب انفراج المرأة عن
قبلها) (نـهج البلاغة 142).
قال لهم ذلك بسبب تخاذلهم وغدرهم بأمير المؤمنين وله فيهم كلام كثير.
وقال الإمام الحسين في دعائه على شيعته:
(اللهم
إن متعتهم إلى حين ففرقهم فرقاً، واجعلهم طرائق قدداً، ولا ترض الولاة
عنهم أبداً، فإنـهم دعونا لينصرونا ثم عدوا علينا فقتلونا) (الإرشاد للمفيد 241).
وقد خاطبهم مرة أخرى ودعا عليهم، فكان مما قال:
(لكنكم
استسرعتم إلى بيعتنا كطيرة الدبا، وتـهافتم كتهافت الفراش، ثم نقضتموها،
سفهاً وبعداً وسحقاً لطواغيت هذه الأمة وبقية الأحزاب ونبذة الكتاب، ثم
انتم هؤلاء تتخاذلون عنا وتقتلوننا، ألا لعنة الله على الظالمين) (الاحتجاج 2/24).
وهذه النصوص تبين لنا من هم قتلة الحسين الحقيقيون، إنـهم شيعته أهل
الكوفة، أي أجدادنا، فلماذا نحمل أهل السنة مسؤولية مقتل الحسين ؟!
ولهذا قال السيد محسن الأمين:
(بايع الحسين من أهل العراق عشرون ألفاً، غدروا به وخرجوا عليه وبيعته في أعناقهم، وقتلوه) (أعيان الشيعة/القسم الأول 34).
وقال الحسن :
(أرى
والله معاوية خيراً لي من هؤلاء يزعمون أنـهم لي شيعة، ابتغوا قتلي وأخذوا
مالي، والله لأن آخذ من معاوية ما أحقن به من دمي وآمن به في أهلي خير من
أن يقتلوني فيضيع أهل بيتي، والله لو قاتلت معاوية لأخذوا بعنقي حتى
يدفعوا بي إليه سلماً، ووالله لأن أسالمه وأنا عزيز خير من أن يقتلني وأنا
أسير) (الاحتجاج 2/10).
وقال الإمام زين العابدين لأهل الكوفة:
(هل
تعلمون أنكم كتبتم إلى أبي وخدعتموه وأعطيتموه من أنفسكم العهد والميثاق
ثم قاتلتموه وخذلتموه .. بأي عين تنظرون إلى رسول الله صلى الله عليه وآله
وهو يقول لكم: قاتلتم عترتي وانتهكتم حرمتي فلستم من أمتي) (الاحتجاج 2/32).
وقال أيضاً عنهم:
(إن هؤلاء يبكون علينا فمن قتلنا غيرهم؟) (الاحتجاج 2/29).
وقال الباقر :
(لو كان الناس كلهم لنا شيعة لكان ثلاثة أرباعهم بنا شكاكاً والربع الآخر أحمق) (رجال الكشي 79).
وقال الصادق :
(أما والله لو أجد منكم ثلاثة مؤمنين يكتمون حديثي ما استحللت أن أكتمهم حديثاً) (أصول الكافي 1/496).
وقالت فاطمة الصغرى عليها السلام في خطبة لها في أهل الكوفة:
(يا
أهل الكوفة، يا أهل الغدر والمكر والخيلاء، إنا أهل البيت ابتلانا الله
بكم، وابتلاكم بنا فجعل بلاءنا حسناً .. فكفرتمونا وكذبتمونا ورأيتم
قتالنا حلالاً وأموالنا نـهباً .. كما قتلتم جدنا بالأمس، وسيوفكم تقطر من
دمائنا أهل البيت .. تباً لكم فانتظروا اللعنة والعذاب فكأن قد حل بكم ..
ويذيق بعضكم بأس ما تخلدون في العذاب الأليم يوم القيامة بما ظلمتمونا،
ألا لعنة الله على الظالمين. تباً لكم يأهل الكوفة، كم قرأت لرسول الله
صلى الله عليه وآله قبلكم، ثم غدرتم بأخيه علي بن أبي طالب وجدي، وبنيه
وعترته الطيبين.
فرد علينا أحد أهل الكوفة مفتخراً فقال:
doPoem(0)
(الاحتجاج 2/28)
وقالت زينب بنت أمير المؤمنين صلوات الله عليها لأهل الكوفة تقريعاً لهم: (أما
بعد يا أهل الكوفة، يا أهل الختل والغدر والخذل .. إنما مثلكم كمثل التي
نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً، هل فيكم إلا الصلف والعجب والشنف والكذب
.. أتبكون أخي؟! أجل والله فابكوا كثيراً واضحكوا قليلاً فقد ابليتم
بعارها .. وانى ترخصون قتل سليل خاتم النبوة ..) (الاحتجاج 2/29-30).
نستفيد من هذه النصوص وقد -أعرضنا عن كثير غيرها- ما يأتي:
1- ملل وضجر أمير المؤمنين وذريته من شيعتهم أهل الكوفة لغدرهم ومكرهم وتخاذلهم.
2- تخاذل أهل الكوفة وغدرهم تسبب في سفك دماء أهل البيت واستباحة حرماتـهم.
3- إن
أهل البيت عليهم السلام يحملون شيعتهم مسؤولية مقتل الحسين ومن معه وقد
اعترف أحدهم برده على فاطمة الصغرى بأنـهم هم الذين قتلوا علياً وبنيه
وسبوا نساءهم كما قدمنا لك.
4- إن
أهل البيت عليهم السلام دعوا على شيعتهم ووصفوهم بأنـهم طواغيت هذه الأمة
وبقية الأحزاب ونبذة الكتاب، ثم زادوا على تلك بقولهم: ألا لعنة الله على
الظالمين ولهذا جاؤوا إلى أبي عبد الله ، فقالوا له:
(إنا
قد نبزنا نبزاً أثقل ظهورنا وماتت له أفئدتنا، واستحلت له الولاة دماءنا
في حديث رواه لهم فقهاؤهم، فقال أبو عبد الله عليه السلام: الرافضة؟
قالوا: نعم، فقال: لا والله ما هم سموكم .. ولكن الله سماكم به) (الكافي 5/34).
فبين أبو عبد الله أن الله سماهم (الرافضة) وليس أهل السنة.
لقد قرأت هذه النصوص مراراً، وفكرت فيها كثيراً، ونقلتها في ملف خاص وسهرت
الليالي ذوات العدد أنعم النظر فيها -وفي غيرها الذي بلغ أضعاف أضعاف ما
نقلته لك- فلم أنتبه لنفسي إلا وأنا أقول بصوت مرتفع: كان الله في عونكم يا أهل البيت على ما لقيتم من شيعتكم.
نحن نعلم جميعاً ما لاقاه أنبياء الله ورسله عليهم السلام من أذى أقوامهم،
وما لاقاه نبينا صلى الله عليه وآله، ولكني عجبت من اثنين، من موسى وصبره
على بني إسرائيل، إذ نلاحظ أن القرآن الكريم تحدث عن موسى أكثر من غيره،
وبين صبره على أكثر أذى بني إسرائيل ومراوغاتـهم وحبائلهم ودسائسهم.
وأعجب من أهل البيت سلام الله عليهم على كثرة ما
لقوه من أذى من أهل الكوفة وعلى عظيم صبرهم على أهل الكوفة مركز الشيعة،
على خيانتهم لهم وغدرهم بـهم وقتلهم لهم وسلبهم أموالهم، وصبر أهل البيت
على هذا كله، ومع هذا يلقي باللائمة على أهل السنة ويحملون المسؤولية!.
نقلاً عن كتاب ( لله ثم للتاريخ )